مايسطرون
2018-07-14

فلنعش السعادة ولا ننتظرها


ينتظر بعضنا السعادة، ولا يعتقد أنه ربما قد وصل إليها. ينتظر السعادة وكأنها محطة يفترض إمكانية الوصول إليها. ينتظر السعادة ويظن أن سعيه ربما يمتد طويلاً ويحتاج إلى معجزات كي يصل إليها. من يتبنون هكذا إعتقاد يظلون في صحراء التيه مطولاً حتى يستيقظون يوماً ما على استصغار لما كانوا به يؤمنون. من يؤمنون بهذا الإنتظار ربما ينتهي بهم مشوار الحياة دون الوصول إلى السعادة في حياتهم. نقول لهؤلاء المنتظرين: عيشوا السعادة ولا تنتظروها، لأن المنتظرين قد لا يصلون. على العكس من ذلك السعداء الذين يحاولون عيش السعادة بما يمتلكونه من مجموعة واسعة من آليات عيش السعادة، سواءاً في القناعات الفكرية والدينية، أو على صعيد العلاقات الاجتماعية والطبيعة الوظيفية، أو في مستوى الاهتمام بالصحة واللياقة البدنية، أو في أسلوب الحياة الأسرية وطبيعة الشخصية… أمثلة لبعض من كل ذلك: الرضا عن الذات، قناعة المتفألين، التكيف مع الناس، مرح الجسد وحيويته…فالسعادة ليست هدفاً معلوماً ومكاناً محدداً علينا الوصول إليه، السعادة نظام حياة، بل هي أسلوب للعيش.

هنا أود أن أؤكد على أهمية تعدد هوايات المرء التي تدخل عليه البهجة والسرور عندما يمارسها، لأنها أدوات مهمة في طريق السعادة. من هنا يكمن الفرق في الحماس والاقبال على الحياة بين من لديهم هوايات ممتعة ومن ليس لديهم هوايات حقيقية. هذه الحالة النفسية، مثلها، مثل الجسد الذي يجدد نفسه، إذ يجدد الجلد ذاته مرة في الشهر، أما المعدة فتنظف ذاتها مرة كل خمسة أيام، والكبد يقوم بذلك مرة كل ستة أسابيع، والهيكل العظمي مرة كل ثلاثة أشهر. بالنسبة للعين المجردة، تظهر هذه الأعضاء على نفس الشكل والهيئة من لحظة إلى أخرى. ومع نهاية هذه السنة، سوف تفسح ثمان وتسعون بالمائة من خلايا جسدك المكان لخلايا جديدة.

يمكن لتعدد الهوايات أن يصنع للمرء تراكم نقاط النجاح نحو العيش في سعادة. فالرجل الذي يستشعر اللذة في مشاهدة مباراة كرة القدم يعد أرفع في هذا الصدد ممن لا يحس هذه اللذة. ومن يميل إلى القراءة يعد أحسن حالاً ممن لا يميل إليها. وكلما زادت هوايات المرء زاد اقترابه من السعادة، وقل تعرضه لضربات القدر. فهو إذا حرم من إحدى هذه الهوايات أمكنه الالتجاء إلى غيرها. ولعل أحد الأسباب الهامة التي تقود إلى الشقاء والإرهاق، والتوتر العصبي هو ألا يكون للمرء هواية ليس لها أهمية عملية في حياته.

بعد كل ذلك، نأمل أن نتدافع نحو العيش السعيد بدلاً من إنتظار سعادة وهمية ربما لن نصل إليها.

في المقطع المرفق قصة من واقع الحياة تعزز فكرة “عش سعيدا” ولا تؤجل السعادة
Watch “لا تؤجل السعادة مثل هذا الرجل (قصة) – ستيف ريزو” on YouTube

١٣/ ٧/ ٢٠١٨

جهاز التبريد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى