
تعالوا نُقلب صفحات من الماضي القريب ونغوص في أغوارها لعلنا نضع أيدينا على نمادج من القيم والمُثُل الأخلاقية والسُلُوكِية آنذاك حيث الحياة كانت جداً بسيطة لم تسيطر عليها الماديات وإغتنام الفُرص سواء كانت من باب شرعي أو عكسه، ففي زمننا الحاضر أختلط الحابِل بالنابل وضاعت الكثير من النجابة والشهم بينما ذلك الزَمان غلبت عليه الصراحة والقناعة والقبول ولو بالشيء القليل، فبِمُجَرد حدوث مُشكلة ما تَجِد من يُسارِع من أهل الحي إلى لَملَمَتِها والسعي لإرضاء كل الأطراف بصورة وُدِية و أخوية حتى يتم تبريد الأجواء فيكون الهدف من كل ذلك لَم الشَمل واللُحمَة إلى سابِق عَهدَها.
هذه الدُرُوس الحَيوية تُعلِم الجِيل الحَاضِر معنى التسامح والتصالح، ثم يأتي الأهم من ذلك كله والذي يعطينا زَخماً لِلحِفاظ عليه وتكريسه في واقِعنا الحاضر كَعادَة مَحمُودة الطِباع لن تَضمَحِل بإذن الله، لتتناقَلها الأجيال وتُثبت رَكيزة أخرى مِن التألف والتكاتف، كان أهل تلك الحقبة أكثر ما يُرَكِزون عليها في قضاياهم الأسرية هو الاصلاح و السِتر الجَميل عِند حُدوث أي شِقاق أو نِزاع أو خُصُومَة أو مِشكلة بل تؤد في مهدها ويتم جبر الخواطر فيُطلب من الجميع نِسيان الأمر وعدم البَوح بِها وكأنَ شيئ لم يكن لكي لا تكون حديث المجالس وفي نفس الوقت لكي لا تكون مَجالاً لِلقِيل والقَال وتضخيم الامور اكثر من اللازم.
مِن هُنا يُحافِظ المُجتمع على تماسُكِه وعدم تَفَكُكِه والذي عاش تِلك الفترة الذهبية لَمَسَ كُل ذلك وطبعاً ماذَكرناه عن عادات وتقاليد مَحمودة الفِعال، في نفس الوقت لايخلو ذلك الزَمان من بعض الشواذ عن هذا السُلوك والأخلاقيات ولكنهم معزولون إجتماعياً ولا يعتد برأيهم….الآ يستدعي كل هذا في وقتنا الحاضر إلى إعادة بَرمجة حياتنا في قَالب يكون على الأقل يُماثل تلك الحُقبَة الزَمنِية مِن رِجالاتِنا الأوائل العِصامِيين لِنَغرِف منه أعذب وأحسن الصِفات والمُرؤات الحَمِيدَة والكَريمة ونجعلها أمثُولة عَصرِنا الحَاضر والعودَة للزمن الخلاب وأخذ إيجابياته وتَرك سَلبِياتِه.