
برج عسكري مخروطي الشكل، بُني من الحجارة البحرية «الفروش»، يُقال أن من بناه البرتغاليون إبّان استعمارهم لجزيرة تاروت في القرن السادس عشر الميلادي، ولا يزال صامدًا حتى اليوم.
برج« أبو الليف » التاريخي يراه القادم إلى مدينة القطيف غائرًا في طرفها الجنوبي الشرقي للمدينة وجنوب فرضتها «مينائها الجديد الحالي»، وعلى بعد أكثر من كيلو مترًا إلى الشمال الشرقي منه تقع بلدة دارين.
امتداده …
من جانبه، قال الباحث التاريخي عبد الرسول الغريافي: إن هذا البرج يقع بشكل عام بين خور «أبو امغوي» في الشمال، و«خور مَلَك» في الجنوب الذي يمتد إلى حدود سيهات، بمحاذاة منطقة خميسية العياشي وهي مناطق زراعية اشتهرت بخصوبتها وصلاحيتها لزراعة بعض المحاصيل الزراعية وخصوصًا الطماطم والبطيح العياشي والطروح أو القثا.
الحالة …
وذكر أن هذا البرج قد بني فوق حالة صغيرة والحالة هي جزيرة رملية متوسطة الحجم تقريبًا وغير مأهولة بالسكان، وقد يغطيها الماء في حالة المد كما هو في حالة برج أبو الليف.
بوّارة عنك …
وأضاف، تعوّد بحّارة (بوّارة) عنك – المعروفون بالعليوات- بناء حظورهم حول هذا البرج من الغرب أي في حيّ المجيدية بالقطيف اليوم؛ لوقوعه في الزاوية الشمالية الشرقية لعنك، و(البوّارة) هم البحّارة الذين يصطادون الأسماك بمكامن صيد تعرف بالحظرة وهي مكامن دائرية الشكل تبنى جدرانها (حظرانها) بجريد النخل والأشباك بطريقة دقيقة جدًا.
« أبو الليف » … هداية للسفن
وتابع، بني هذا البرج ليكون منارة لهداية السفن، وكان يضاء ليلًا بواسطة إشعال النار في ليف النخل الذي يحشر في غرفة صغيرة بنيت داخله وسقفها متصل بقصبة علوية مفتوحة باتجاه السماء، وحيث أن النار المشتعلة في الليف لا تطول مدة اشتعالها فإنهم يعتمدون على الدخان الكثيف الذي يخرج من فوهة تلك القصبة منطلقًا إلى عنان السماء لتراه السفن وتهتدي بذلك الضوء أو الدخان ليلًا، ولهذا السبب عرف ببرج أبو الليف، والظريف في الأمر أن البحارة وأصحاب سفن الصيد أصبحوا يطلقون عليه لاحقًا (برج أبو الفيران) لكثرة الفئران التي تعيش في داخله.
بناؤوه وتشييده …
وأشار الباحث إلى أن البعض ينسب بناء هذا البرج والمتزامن بناؤه مع بناء قلعة حمّام تاروت في القرن السادس عشر إلى البرتغاليين؛ لكون شهرتهم ببناء القلاع والبروج في بعض المناطق ولكن ليس هناك مايثبت شروعهم في بناء أي قلاع أو بروج في القطيف؛ لأنهم لم يستعمروها وإنما زحفوا عليها بحرًا كغزاة منافسون ليخلصوها من أيدي العثمانيين ليستولوا عليها، وإن ماحدث هو العكس من ذلك فقد شرعوا في تدمير جميع قلاع القطيف أثناء مواجهتهم للعثمانيين كقلعة القطيف وغيرها من القلاع التي لم تسلم من إصابتها، أما من بنوا القلاع في القطيف هم أهالي القطيف أنفسهم وبنفس أنظمة وهندسة بناءهم المعهود.
مواد البناء …
وأوضح أنه تم بناء البرج بالأحجار البحرية المعروفة «بفروش البحر» وبالجص المعروف بقوته ومقاومته للمياه والأملاح، نحتوا الحجارة على شكل طوب متوازي المستطيلات تتراوح أطواله بين 30- 40 سم للطول، و20- 25 سم للعرض وكذلك الارتفاع.
قصفه …
ولفت «الغريافي» إلى أنه وبحسب وثيقة متداولة نسختها بين الناس وهي عبارة عن رسالة تفيد بأن قبطان السفينة البريطانية قد قصف هذا البرج عام ١٨٦٦م إثر إنذار وجَّهه إلى ممثل أمير الرياض في القطيف محمد بن علي العجاج ولم يتلقَ الرد منه لسفره إلى الدمام آنذاك (حسب ماكتبه) والذي يحتاج لمدة يوم للوصول فقد جاء الرد بالقصف المدفعي.
ولا يزال قائماً …
ووفقًا للباحث «الغريافي» فإن أطلال هذا البرج لايزال قائمًا حتى يومنا هذا بارتفاع بضعة أمتار على سطح تلك الحالة،
قبل إنشاء حيّ المجيدية المطل على هذا البرج، وحتى ثمانينات قرن العشرين الماضي فإن البعض من محبي الاستطلاع والذين يستحوذ عليهم الفضول من الناس كانوا يعبرون البحر مشيًا مع البوّارة عندما يكون موج البحر في حالة الجزر (الفبر/ الثبر ) وذلك لزيارة البرج ورؤيته عن كثب وكذلك لمعرفة محتوياته، فكان زواره يلاحظون وجود بعض الكرات الحديدية التي تستعمل في تلك العصور لإطلاقها بالمدافع المستعملة لدك الحصون.
مقال جميل .. شكرا للباحث و للكاتب .. فيه الكثير من المعلومات التاريخية الشيقة المهمة و المفيدة