مايسطرون
2023-03-17

محظوظٌ من أساء لهذا الإنسان !!


تختلف ردود البشر على الإساءة التي يتعرضون إليها ، بحيث يمكن تصنيفهم إلى أربعة أصناف ، الصنف الأول : وهو الأغلب بين الناس الذي يقابل السيئة بأسوأ منها ، أما الصنف الثاني : فيلجأ للسكوت الناتج عن خوف من سطوة المسيء ، أو من أجل الاقتصاص منه قانونياً ، أما الصنف الثالث : فيعمد إلى الحلم ، وذلك حرصاً على أن لا ينزل إلى الأخلاق المتردية، أما الصنف الرابع وهو مطلبنا : فيلتزم بالصمت ، ويعمل الحلم ويتعامل يالإحسان ، آخذاً بقول الله تعالى : وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ .

فعن جابر قال: سمع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام رجلاً يشتم قنبراً ، وقد رام قنبر أن يردّ عليه ، فناداه أمير المؤمنين عليه السلام قائلاً: مهلاً يا قنبر ، دع شاتمك مهاناً ترضي الرحمان ، وتسخط الشيطان ، وتعاقب عدوّك ، فو الذي فلق الحبّة ، وبرأ النسمة ما أرضى المؤمن ربّه بمثل الحلم ، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت ، ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه.

فمن المتوقع أن تلتقي بشخص ينتمي إلى الأصناف الثلاثة الأولى ، لكن هل من الممكن أن ترى شخصاً من عامة الناس ينتمي إلى الصنف الرابع ، أم هو ضرب من ضروب الخيال ؟!! .

والجواب : نعم من الممكن ، لكن ندرتهم بين عامة الناس ناتج عن ضحالة الفكر ، والقلوب المريضة ، والضمائر الميتة ، وكثرة الأمراض الأخلاقية ، والرغبة في إرضاء النفس ، والتكالب على الدنيا ، فالمترفع عن الإساءة لم يفكر مطلقاً في الثواب أو الجزاء ، بل أدرك أن المسيء صنع له إحساناً حقيقياً وهو لا يعلم به !! .

نعم ، لأن المسيء منحه الفرصة لمجاهدة نفسه ، ومخالفة هواه ، والسعي لنيل مرضاة الله ، وهذا السلوك لا تجده إلا في أناس ذابوا في مودة محمد وآل محمد صلوات الله عليهم أجمعين ، وسعوا للاقتداء بهم ، والتخلق بأخلاقهم.

ونقول مجازاً : محظوظ من أساء لإنسان من عامة الناس ينتمي لهذا الصنف الإيماني !! لأنه سيحظى بعفو صادق أسقط حق المسيء إليه من ذمته ، وبدعاء خالص قد يكون سبباً في هدايته ، أو بنزول المحبة له في قلبه ، فكانت دعوته للمسيء له كشربة ماء بارد يروي بها ظمأه !!.

لذا قد لا يحالفك التوفيق في الدنيا أن تلتقى إنسان يمتلك هذه الملكة الإيمانية الخاصة ، لكن ما مستوى الحسرة التي تنتظرك في الآخرة حينما تواجه إنساناً عَمِل بأبجدياتها ، وكنت أول المتلذذين بالإساءة إليه ؟ !! .

أسعد الله مساءكم بفضل الصلاة على محمد وآل محمد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى