
من عاصمة النخيل.. تحطُّ خنساؤها على ضفاف الكوثرِ في ليلةٍ مُحاكةٍ بالحبِ ومطرزةٍ بالمجاز.. قدمتها الشاعرة زهراء الشوكان وتجاذبت اطرافها شاعرات الكوثر وضيفاته المهتمات بالشعر والأدب من مختلف مناطق القطيف وقراها في جو من الألفة والمودة..
كانت أمسية لا تشبه إلا الإبداع ؛و التميز ؛ وهمسات الشعر الذي يحاكي إنسان الأرض و حضارة القطيف!
ابتدأ اللقاء بنبذة تعريفية عن منتدى الكوثر الأدبي وإنجازاته وتطلعاته المستقبلية.. أعقبَهٌ ترحيبٌ بالشاعرة تهاني الصبيح بقلم الشاعرة زهراء الشوكان.. قالت فيه:
آياتُ نبضكِ دفقةُ الشعراءِ
وعلى أناملكِ السنا للرائي
كمْ ترسمينَ الضوءَ في أفقِ المدى
فيلوحُ قوسُ الحبِّ في الأرجاءِ
كمْ تقفزينَ غزالةً ومجازها
بين القصيدِ وصحوةِ الإغفاءِ
سَكرى بعشقِ الشعّرِ أولُ فيضهِ
موتٌ وآخرهُ بُكا الأحياءِ
جُمِعتْ على كفيكِ أزهارُ الدنا
ويضوعُ منك شذىً بغيرِ فناءِ
خنساءُ بالأحساءِ يزهرُ اسمكِ
المملوءُ صبحًا صاعدًا كدعاءِ
أنتِ التهاني المرسلاتِ تمائمًا
يحرسنَ قلبَ الشِعّر كالخنساءِ
وبعد هذه الأبيات الترحيبية بالشاعرة، انتقلت مقدمة الأمسية زهراء الشوكان إلى نبذة تعريفية عن الشاعرة تهاني الصبيح ، ثم ابتدأت حوارًا شيّقا تناول الكثير من جوانب حياة الضيفة الشاعرة ورؤيتها للشعر، ذكرت فيه الشاعرة تهاني أن غاية الشعر هو التعبير عن تجارب الآخرين ممن لا يستطيعون صياغة مشاعرهم وقولَبتَها في قالبٍ لغوي.. فالشعراء يعبرون عن آلامهم واضطرابهم وجراحهم التي لا يستطيعون لمسها.. وإن كان هذا التعبير عن الآخرين ممزوجٌ بتجارب أخرى يمر بها الشاعر ومشاعر أخرى يحسها وأمانٍ أخرى يتمناها.. فالتعبير الشعري لا يمكن أن يكون نقلًا دقيقا عن الواقع، وإلّا فلن يكون شِعرًا.. ربما يكون نظما.. لكنه لا يمكن أن يكون شعراً..
ثم انتقل الحديث عن تنوع المذاهب الشعرية والأذواق الشعرية.. حيث قالت الشاعرة تهاني أن الشعر أشبه ما يكون بالذهب الثمين الذي يختلف إعجابنا به حسب صياغته.. الشعر كذلك له قيمة عالية في جميع الأحوال.. لكن اختلاف الصياغة هو من يحدد مدى إعجابنا به.. فالشعر الكلاسيكي له قيمته العالية والشعر الحداثي له قيمته العالية.. الفرق بينهما فقط في نظرة القارئ له وذوقه الخاص الذي يميل لأحدهما دون الآخر.. لكنه يجب أن يكون منصفا ولا يقلل من شأن الأشكال الشعرية الأخرى.. فالشعر ينبغي أن يُبذر بالحب ويُسقى بالحب كي يحصد الحب..
جاء حديث شاعرتنا آلالق عن التجديد في الشعر.. ذكرت فيه ان التجديد لا يقتصر على القالب الذي تُصَب فيه القصيدة سواءً كان قالبا عموديا او تفعيليا او شعرا نثريا، وإنما يمتد للفكرة والمصطلحات والخيال وتناغم مكونات القصيدة.. هذا التجديد مطلوب دائما ويجب على كل شاعر أن ينقح قصيدته ويعيد ترتيبها قبل أن يقدمها لجمهوره.. فالقصيدة حين تخرج للجمهور تصبح ملكا للجمهور وعليه أن يتقبل أي نقد أو نصيحة.. وذكرت انها تعمل الآن على إعادة صياغة الكثير من القصائد القديمة لإضافتها في ديوانها القادم بإذن الله…
كل شيء في الشاعرة تهاني يشبهها كما ان الشعر يرافقها في جميع تفاصيل حياتها وليس لها وقت محدد لكتابته.. هكذا الشعر يتغلغل في كل المساماتِ ويورق في كل الأزمنة.. ذكرت مثالا لقصيدة كتبتها فور خروجها من عملية جراحية.. تقول في بعض أبياتها..
ما اوجع الجرح غضا حينما انفتحا
وانفض شريان قلب بالدما سفحا
من الاذين الذي عبرته ولها
الى البطين الذي من شوقه نضحا
كانت كلمات الشاعرة لجميع الشعراء والشاعرات.. من القلب الى القلب مؤكدة فيها إلا يتوقفوا عن الكتابة أبدا.. فالكتابة رسالة ويجب عليهم أن يؤدوا هذه الرسالة خير أداء لينالوا أحسن القبول..
تلك ليست مشاعر عابرة عن أمسية شعرية ؛ إنما هي ملامسة لواقع نزف شاعرة أضحت رقما مهما في خارطة الشعر في المنطقة الشرقية عامة والقطيف خاصة واحة الإبداع والتميز والجمال!!