
غالبًا مايتم الخلط بين مسميات قضايا الفرقة بين الزوجين ومايندرج تحتها من أسباب، فلا بد أن نفرق بين الطلاق، والخلع، وفسخ النكاح، فلكل قضية أسبابها الخاصة.
ويعرف فسخ النكاح بأنه «يصدر من القاضي ويكون بطلب من الزوج أو الزوجة»، بينما الطلاق «يصدر من الزوج و يكون طلبه من الزوج أو الزوجة»، و الخلع «يصدر من الزوجة ويكون بطلبٍ منها بمقابل تعويض الزوج».
فما أسباب فسخ عقد النكاح والتي انتشرت في الآونة الأخيرة بشكل ملحوظ؟
الأسباب القانونية للطلاق …
في هذا الصدد أفادت المحامية «زينب المتروك» بأن فسخ عقد النكاح قد يرفع من الزوج أو الزوجة، ويكون إصدار حكم الفسخ من القاضي فيما يراه من علة مضرة في الآخر تمنع من استمرار في الحياة الزوجية.
وأضافت، توجد عدة أسباب يترتب عليها هذا الفسخ منها: إذا امتنع الزوج عن الإنفاق، أو ادعى إعساره في النفقة الواجبة شرعًا، كذلك إضرار الزوج بزوجته ضررًا يتعذر معه دوام العشرة( كالإيذاء الجسدي أو النفسي )، وكثرة الشقاق أو المشاكل بين الزوجين التي يستحيل معها الصلح، وغياب الزوج أو فقده، وعدم أداء الزوج المهر قبل الدخول ويكون بطلب الزوجة.
الإجراءات القانونية …
وتابعت: الإجراءات التي يمر بها مقدم الطلب لإتمام فسخ العقد تكون عن طريق رفع قضية فسخ نكاح بمحكمة الأحوال الشخصية من أحد الزوجين، يوضح فيه الأسباب التي من أجلها يطالب بفسخ النكاح، فتمر القضية اولًا بجلسات صلح بين الزوجين؛ لمحاولة حل الموضوع بشكل ودي، وإن تعذر الإصلاح بينهما تحال القضية للمحكمة وتنظر في الأسباب من قسم الخبراء بالتواصل مع أطراف القضية، والاطلاع على الإثباتات والمستندات المقدمة لطلب الفسخ، بعدها تصدر هيئة الخبراء قرارها قبل انعقاد الجلسة الأولى بالمحكمة ليتم النظر فيها من قبل القاضي، وقد يوافق عليه ويصدر حكمه بناءً على ماجاء في قرار هيئة الخبراء ولكن ليس بالإلزام أن يحكم بموجب قرار الهيئة وقد يصدر الحكم بما يراه القاضي.
منصة «تراضي » … بوابة للإصلاح
و استكملت حديثها بالقول« كما ذكرت سابقًا في مسألة إجراءات القضية فإن مسألة الصلح هي الخطوة الاولى في جميع القضايا بشكل عام, فيحال عندها الطلب إلكترونيًا إلى منصة« تراضي » وهي منصه قائمة على الصلح بين أطراف القضية، حيث تعقد جلسات صلح بما يناسب الأطراف، ويعد محضر الصلح بالتراضي بين الطرفين محضر نافذ ونهائي وعليه لابد أن نلتفت إلى الأمور المهمة في مسألة الفسخ والتي تلزم المدعي رافع القضية من تقديم سبب مقنع للمحكمة، كما أنه لابد من إثبات هذه الأسباب أمام القاضي.
وأضافت: يؤخذ بعين الاعتبار في الفسخ مسألة الفسخ قبل أو بعد الدخول والخلوة، أو معرفة العلة قبل العقد أم بعده، حيث تشرحها المادة( ١٠٥ ) من نظام الأحوال الشخصية.
الأسباب من الجانب الشرعي …
وعروجًا على الجانب الشرعي، بين الشيخ« محمد ناجي آل معيبد » يعتبر الطلاق وفسخ العقد من أكثر المشاكل التي يعاني منها المجتمع، والذي أخذ مساحة لا يستهان بها في الأزمنة الحالية مع تطور التكنلوجيا ووصول العالم إلى ماوصل إليه من التقدم إلى أعلى مراتب العلم في هذا الكون العائم والمزدحم بكل أبعاده.
وأوضح الشيخ آل معيبد أن الدراسات الميدانية في معالجة القضايا الزوجية والتدقيق في أسباب الطلاقات الحاصلة لدينا تعود إلى أمور كثيرة مما تؤدي إلى تفكيك المؤسسة الزوجية، وخصوصًا في البداية الأولية من تأسيس هذه المؤسسة، منها و على سبيل المثال لا الحصر، الاختيار غير السليم، مما يؤدي إلى اكتشاف عدم تطابق الأفكار والمفاهيم بين الزوجين وهو السبب الأهم لعدم استمرار الحياة الزوجية والوصول إلى الطلاق وخصوصًا في بداية الزواج، وتتضح هذه المسألة في انتشار فسخ العقد في أوله للارتباط بين الزوجين والطرفين، بأن ذلك يأتي نتيجة للتسرع في الزواج وعدم دراسة الخيارات الموضوعية، ولعله يكون السبب الرئيس، وتارة أخرى قد تكون شرعية بحسب ما أوصانا الشرع الحنيف.
والأمر الآخر، يخضع لمواصفات الشريك الدينية والأخلاقية أو لعدم دراسة فكرة الإقدام على الزواج من جهة الرجل أو المرأة وكونه غير قادر على تحمل تبعاته، وعلى هذين الأمرين وغيرهما يحصل الخلاف بسرعة بين الزوجين مايؤدي إلى الفسخ والطلاق السريع قبل الدخول.
وأشار إلى أن هذه الحالة كثيرة جدًا، وينبهر العقل منها وقضاياها كثيرة وقد تكون لأسباب تافهة جدًا من كلا الطرفين.
معالجة القضية من جانبها الشرعي …
وعن محاولة الإصلاح قبل الفسخ أو الطلاق، أفاد الشيخ بأنه لابد من وجود حلول شرعية وعقلية للمشاكل الطارئة؛ لأن الزواج مؤسسة أرادها الله سبحانه وتعالى أن تكون مستقرة وهادئة يعيش فيها كلا الزوجين حالة السكن والهدوء والاستقرار، فإذا ماتحولت الحياة الزوجية إلى اضطراب لاسكن ولا مودة فيها، وتحولت الرحمة إلى نقمة؛ هنا ينتقض الباري تعالى من إنشاء هذه المؤسسة فيأتي الأمر الذي لابد منه وهو الإصلاح قبل الفسخ والطلاق حتى يتسنى توفر العوامل التي أرادها الإسلام من سكن ومودة ورحمة واستقرار وهدوء، وإذا لم تتحق تلك الأهداف، فلابد من الفسخ.
وتابع: لو حددنا النسبة الحاصلة في تقييم( هل إن الإصلاح أو الفسخ أيهما يفوق الآخر ) فنسبة الإصلاح ليست بالكثيرة ويفوقها الفسخ، ويرجع التقييم الفعلي لأصحاب القرار في تحديد النسبة، علمًا بأن هناك عوامل عديدة أخرى لانحلال مؤسسة الزواج وحصول الطلاق.